عدد المساهمات : 146 تاريخ التسجيل : 30/04/2012 العمر : 30 الموقع : http://radio-imazighen.com
موضوع: عقاب الله على الارض قبل الاخرة الأحد يونيو 17, 2012 10:05 am
شاء القدر أن يلتقي رجلانِ في سفَرٍ نحوَ بلادٍ بعيدة ، وكانا مختلفانِ كلّياً في الطباع والسلوك ، كان الأول رجلاً ملتزماً ومتديّنا وعلى درجةٍ عالية من الأدب والأخلاق ، وكان الثاني متهوراً كثير الكلام لا يملكُ شيئاً من الخلقِ ولا يعرفُ طريق الله ، اضطرّ كلٌّ منهما تحمّل الآخر طيلة فترة السفر ، بعد عناءٍ ومشقةٍ وصلوا إلى المدينة المنشودة ، وما أن دخلوا حتى بدأ منادي ينادي في الناس " أن ماتَ الملك ، ما الملك " ! ماتَ مَلكهمْ .. وكانتَ هناك عادات في هذه البلدة أن تسلم السُلطة إلى الشعب بعد ثلاثة أيّام من وفاة الملك ، حيث يجتمع الناس في ساحةٍ كبيرة ويأتي أحد الوجهاء من البلدة حاملاً في يدهِ حمامةً وما أن يقف حتى يرمي بها فوق الناس ، وأي شخص تنزل على رأسهِ أو كتفهِ فهو الملك الجديد ،! وفعلا بعد انقضاء المدة اجتمع الناس في تلك الساحة لاختيار الملك القادم ، وكانَ بين الناس هذان الرجلان ، في الطريق المؤدي إلى الساحة ، سأل الرجل المتهور ذلك العاقل ، قل لي يا صديقي ، لو نزلت الحمامة على رأسكَ وأصبحتَ ملكاً عليهم ، كيف ستحكم بينهم؟ أجابهُ بما يرضي الله .. ثم سألهُ العاقل ...وأنت ماذا ستفعل لو أن الطير نزل فوق رأسكَ وأصبحتَ ملكاً؟ قال له ..سأحكم بينهم بشتى أنواع القسوة والظلم ، سأريهم الويلات ، وسأجعل نسائهم ترقص لي ليل نهار والرجال عبيداً لي يركعون أمامي ويرتجفون حين يسمعون صوتي ،، وما هي سوى لحظات حتى وجدا نفسيهما في الساحة مع جموع الناس الغفيرة التي جاءت لتشهد هذا الحدث العظيم ، وحدثَ كما قيل ..جاء أحدهم ورمى بالطير فوق رؤوس الناس ،، ثم نزلت على رأس ذلك المتهور !! احتجّ الناس وقالوا أنه غريب ونحن لا نرضى أن يكون ملكنا غريباً عنّا ، أعادوا المحاولة مرة أخرى ،، فنزلت الحمامة على نفس الشخص ! استسلم أهالي المدينة إلى قدرهم وصار المتهور ملكهم ، حكم هذا المجنون البلدة وصدق بوعده ، فقد أدخل الرعب في نفوس الناس وحرمهم من كلّ شيء ، وصادر أموالهم وممتلكاتهم لهُ ، ونشر بينهم الفساد بشتى الطرق ، ضاقت بالناس السبل وهم يحلمون أن يعدَل الملك عن ظلمهِ لهم ويعيد النظر في معاملتهِ مع شعبهِ المتضوّر جوعاً ،، أتفق بعض الوجهاء في المدينة على أن يذهبوا إلى ذلك الرجل المتديّن ويطلبوا منهُ أن يذهب إلى صديقهِ الملك ، ويترجاهُ أن يصلحَ أحوال البلدة التي باتت تنهار على يده،، ذهبوا وعرضوا عليه الفكرة ، فرد عليهم بالرفض القاطع ، وقال لهم ، هل أنتم مجانين ؟ تريدونني أن أذهب إلى ذلك المتهور المجنون ..أنا أخشى أن يغضب مني ويأمر الجلاد بقطعِ رأسي .. وبعد أن ألحوا عليهِ بشدةٍ وافق الرجل أن يذهب إليهِ ويتحدث معه ، في اليوم التالي ذهب الرجل إلى باب القصر وطلب من الحارس أن يقابل الملك ، دخل الحارس على الملك وقال لهُ أن هناكَ من يريد مقابلتك،، وما أن سمعَ الملك باسم ذلك الرجل حتى أمر أن يدخل على الفور وحذّر الحارس لو أنّ صديقه انتظر مرةً أخرى فسوق ينال أشدّ العقاب ،! دخل الرجل على الملك فقابله الملك بترحيب شديدٍ ودعاه للجلوس إلى جانبهِ ، بعد التحية والسلام عاتب الملكُ صديقه قائلاً : أنتَ لم تزرني ولا مرة واحدة منذ أن أصبحتُ ملكاً ، فرد عليه الرجل ، يا مولاي ، أنا لمْ آتي إليكَ لزيارة شخصيّة ،، جئتُ بعد طلب من أهالي المدينة ، قال الملك ،، ما بهم أهالي البلدة ؟ رد الرجل قائلاً : يا مولاي إن أهالي البلدة يعانون كثيراً من أشياء لم يتعوّدوا عليها سابقاً ،وأنا جئتُ إليكَ متوسلاً أن تنظر في حالهم وتصلح أمورهم وتجعلهم يعيشون بسلامٍ وأمان ، نظر الملك في وجه صاحبهِ وقال له ،، هل تذكر يوم أن صرتُ أنا الملك؟ قال : نعم قال له الملك ..وهل تذكر حديثنا ونحنُ في طريقنا إلى تلك الساحة ؟ اجب الرجل بنعم مرة أخرى .. فقال الملك ،، وهل سمعنا الله في يومها أم لم يسمعنا ؟ ردّ عليهِ الرجل ..سمعنا بكل تأكيد ... فهوّ السميعُ البصير ، فقال لهُ الملك .. وكانَ بمقدورهِ أن يجعلكَ أنتَ ملكاً عليهم بدلاً منّي لحسن نواياكَ الطيبة ، فاعلم أنهم يستحقون ما حدث لهم ويحدث منّي ، حتى اختارني الله عليهم معاقباً . انتهت .